رأي “12-أكتوبر” | المحكمة الأوروبية تعزز مبدأ تقرير المصير وتفند سيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية.
«12-أكـتوبر» العيون المحتلة / الصحراء الغربية
الأحد: 05 أكتوبر 2024
يوجد المغرب بعد منطوق محكمة العدل الاوربية يوم 04 أكتوبر 2024 في موقف لا يحسد عليه. انكشفت سوءة تناقضاته القانونية والاخلال بالتزاماته السياسية، بعد معركة قانونية كبيرة خاضها الشعب الصحراوي في محكمة العدل الاوربية من خلال ممثله الوحيد والشرعي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) بهدف توقيف استنزاف ثرواته الفلاحية والبحرية من طرف دولة الاحتلال المغربية لأنها لا تتمتع بالسيادة على الصحراء الغربية وأنه لا يمكن ادراج الإقليم في أي اتفاقيات تجارية أو اتفاقيات صيد بحري بينه والاتحاد الاوروبي.
سقط القناع عن تفاصيل ادعاءات المغرب التنموية في الجزء المحتل من الصحراء الغربية وتأكد عالميا حجم معاناة الشعب الصحراوي من عدم الاستفادة من خيراته في ظروف حياة صعبة لا توفر العيش الكريم له في اللجوء وفي الجزء المحتل وتنتصر العدالة بحكمها التاريخي هذا لتعزز حقوق الشعب الصحراوي وبالتالي تنتصر الشرعية الدولية تجسيدا لأحكام المحكمة العامة الأوروبية سنوات 2016 و2018 و2021.
استقلال الاقتصاد نصف النصر لما يشكله من حرب بمفهومها القانوني وليس السياسي؛ حيث التموقعات السياسية وشراء الذمم ومنح الثروة الصحراوية بأبخس الثمن للإبقاء على استغلالها بأدنى الطرق مقابل صمود شعب تحت ظروف اللجوء ووطأة الحرب وقمع الحريات والحقوق.
اعتبرت رئاسة الجمهورية الصحراوية الحكم الصادر عن المحكمة، انتصارا تاريخيا للشعب الصحراوي بعد ان قضت محكمة العدل الأوروبية بعدم شرعية الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب التي تشمل الصحراء الغربية وأكدت ببطلانها وقفها في غضون سنة لأن الصحراء الغربية ليست جزء من المغرب لذا لا يمكن ادراجها بحكم وضعها القانوني في تعاملات الاتحاد الأوروبي مع المغرب. لهذا تقر المحكمة بحق تقرير مصير الشعب الصحراوي مؤكدة أن الحكم نهائي بسبب عدم موافقة شعب الصحراء الغربية على ابرام هذه الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
ما هو الوضع القانوني للصحراء الغربية؟
تعتبر مسألة الصحراء الغربية في الأمم المتحدة قضية تصفية استعمار مدرجة في اللجنة الرابعة ضمن الأقاليم الغير متمتعة بالاستقلال او الحكم الذاتي. وهي صراع مرير بين شعب يريد تقرير مصيره ودولة محتلة تريد القضاء على مشروعه التحرري. فحكم محكمة العدل الاوربية من منظور قانوني يعزز الهوية القانونية للصحراء الغربية كإقليم غير مستقل يجب ان تتاح لشعبه فرصة تقرير مصيره ومنعطفا تاريخيا في مسار تصفية الاستعمار. ليتأكد أن مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير بناء على القرار 1514(اعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة) هو السبيل الوحيد لتصفية الاحتلال من الصحراء الغربية فالأمم المتحد في قرارها 34/37 تصف المغرب كقوة احتلال.
يعد مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير من أنبل المبادئ والحقوق التي أنتجتها الأمم المتحدة في ميثاقها؛ المواد 2/1 و55 منه، لتليها مواثيق المنظمات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 والعهدين الدوليين لسنة 1966، والإقليمية الأخرى كالميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب، إذ لم يعد مقبولا الاستمرار في استعمار واحتلال الشعوب واستغلال خيراتها وقهرها بدون حق. بتكريس هذا المبدأ أمميا يصبح تقرير المصير حق دولي يكفل لكل الشعوب بقوة القانون أن تكون هي صاحبة القرار الفعلي في كل ما يتعلق بمستقبلها، وبالتالي يخولها بأن تقرر مصيرها بحرية تامة ومطلقة لتحدد خياراتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كسيدة على كل ثرواتها ومواردها الطبيعية وسيدة القرار في اختيار النظام السياسي الذي يناسب تطلعاتها والمعبر عن ارادتها كشعوب حرة ومستقلة. وعليه لم تكتف الأمم المتحدة بتقرير المصير السياسي الذي بموجبه يتم الاستقلال، بل تجاوزته إلى تحقيق المصير الاقتصادي، وتقرير المصير الاجتماعي والثقافي، حيث يكفل القانون الحق للشعوب بالوصول الى تقرير مصيرها بكافة الوسائل السلمية؛ عن طريق الاستفتاء أو عن طريق الكفاح المسلح.
تقرير المصير السياسي:
حق الشعوب في تقرير المصير يعني حق الشعب في اختيار شكل الحكم الذي يناسبه بمحض إرادته دون أي تدخل أجنبي.
تقرير المصير الاقتصادي:
تعتبر السيادة الكاملة للشعوب على الثروات الطبيعية مظهر من مظاهر السيادة الوطنية، حتى تمتع الشعوب بخيراتها وثرواتها الطبيعية ضمن تقرير مصيرها الاقتصادي، كما أوصت بذلك لوائح الأمم المتحدة التي أوصت بالتعاون الدولي في سبيل ممارسة هذا الحق. فالتنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق إلا في
إطار الاستقلال.
تقرير المصير الاجتماعي والثقافي:
في سياق التحرر الوطني، ترتبط مسألة التحرر الاقتصادي بتقرير المصير الاجتماعي والثقافي، بحيث أول ما يقوم به المحتل هو تدمير النمط الاجتماعي والثقافي لطمس الهوية الوطنية للشعب. مقابل هذا التدمير الهوياتي يقوم الشعب رغم الاحتلال بإعادة ما تم هدمه من خلال إجراء إصلاحات في المنظومة الاجتماعية لاسترداد عمقها الثقافي وانبعاث تراثها السيادي. لهذا فإن المفهوم الحديث لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير لا يعتمد فقط على تقرير المصير السياسي بل يتجاوزه الى تقرير المصير الاقتصادي والثقافي.
يعبر العهدان الدوليان لحقوق الإنسان عن مدى تطور القانون الدولي من جهة ويؤكدان ارتباط مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير بمختلف حقوق الإنسان الأخرى.
تنص المادة الأولى المشتركة بين العهدين:
1- لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
2- لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
3- على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسئولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
لماذا يرفض المغرب الاستفتاء بعد تساقط أوراق شجرة التوت؟
منذ ستينيات القرن الماضي ومطلب تقرير المصير عن طريق استفتاء حر وعادل للشعب الصحراوي يبقى هو الحل الكفيل بإنهاء الصراع بشأن الصحراء الغربية، ليستمر المغرب في تعنته حتى تصلب وأصبح في حاجة لمرهم يسترجع به ليونته. رغم شطحاته فيما يسمى “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية” وضرورة اعترافه بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كشرط لانضمامه الاتحاد الافريقي والاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار؛ تغرق الديبلوماسية المغربية في تناقضات مضحكة تظهر حجم المغرب دوليا. لتأتي الضربة القاضية من محكمة العدل الأوروبية بفضل شعب قاد مهندس دفاعه عن ثرواته الشهيد محمد خداد وفريقه بثبات ورائدة كفاحه الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو).
مختص في الشأن الصحراوي: عن “12 أكتوبر”
التعليقات مغلقة.