في تطور مقلق | الجمعية الصحراوية ASVDH تحذر من تصعيد خطير يستهدف وجودها الدولي وعملها الحقوقي تحت حصار ممنهج.

0

«12-أكـتوبر» العيون المحتلة  /  الصحراء الغربية

السبت: 04 أكتوبر 2025

بعد انتهاء الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، دورة سبتمبر 2025، ومع استمرار الحصار الشامل المفروض على الجمعية الصحراوية (ASVDH) ، تجد هذه الأخيرة نفسها مضطرة إلى توضيح سياق هذا الاستهداف المنهجي والمتعدد الأبعاد، الذي طال وجودها وعملها داخل الجزء المحتل من الصحراء الغربية وخارجه، والذي لم يقتصر على منعها من المشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بعد حضور متواصل منذ 2011 حتى نهاية 2021، بل امتد ليأخذ شكل حملة شاملة وظفت فيها السلطات المغربية أدوات إدارية وأمنية ومالية ودبلوماسية، بهدف شل قدرة الجمعية على أداء دورها الحقوقي، وعزلها وتقويض قدرتها على الترافع لصالح ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تواصلها سلطات الإحتلال المغربية.

لقد واجهت الجمعية ASVDH ، سياسة المنع والحصار منذ تأسيسها ودفعت أثمان باهضة في سبيل رسالتها، بما في ذلك اعتقال بعض مؤسسيها واستهدافهم مرارا، وخاضت مسارا نضاليا طويلا رغم كل أساليب المنع والترهيب والانتقام، وهي الأساليب التي تطورت لأبعاد أخرى بعد سنة 2022.

فمنذ إعادة انتخاب المكتب التنفيذي الجديد، تعرضت ASVDH لسلسلة من الإجراءات القمعية ابتدأت بعرقلة إشعار عقد الجمع العام، وفرض قيود فعلية للحيلولة دون انعقاده، تلاها إجراءات منع هذا المكتب من العمل مما شكل السحب الفعلي لترخيص الجمعية، وهو ما أعقبه الاعتداء السافر على مقرها بمدينة العيون المحتلة يوم 2 يوليوز 2025، حيث تمت محاولة اقتحامه وتخريبه وقطع التيار الكهربائي عنه، وفرض حصار دائم عليه، ومنع الأعضاء من ولوجه أو ممارسة أي نشاط داخله، بعد تعريض بعضهم لاعتداء وحشي، في انتهاك صارخ للحق في التنظيم والعمل أو التواصل مع الضحايا ومؤازرتهم.

وعلى الصعيد الدولي، لم يكن هذا الحصار أقل حدة، حيث تعاملت الجمعية مع مقاطعة غير معلنة من عدد من السفارات، وهو ما أعلن عن أسبابه الحقيقية بكل وضوح خلال الاجتماع الذي عقده المكتب التنفيذي يوم 8 ماي 2023 بعاصمة الإحتلال الرباط، مع تسع بعثات دبلوماسية أوروبية وأمريكية، حيث أُشعر أعضاء المكتب خلال هذا الإجتماع من طرف بعض ممثلي هذه البعثات، بأن السلطات المغربية المختصة قد نقلت لهم عدم معارضتها لوجود الجمعية ككيان، لكنها ترفض تشكيلة المكتب الجديد، محددة بدقة مقاصد هذا الرفض.

لتكون خلاصة هذا الإجتماع هي رسالة مفادها أن استئناف التعاون مع بعض هذه البعثات رهين بتغيير داخلي تفرضه إرادة دولة الاحتلال، وهو الطرح الذي أعلن المكتب التنفيذي في حينه عن رفضه التام معتبرا إياه مساسًا خطيرًا باستقلالية القرار داخل الجمعية ، وتدخلاً غير مشروع في بنيتها التنظيمية، وخرقًا صارخًا لأخلاقيات العمل الحقوقي، لا سيما في ظل ما تؤسس له مبادئ حقوق الإنسان، والخلفية الواضحة للجمعية وإلتزامها المبدئي بالنضال المشروع والدفاع عن المدنيين الصحراويين وقناعاتهم وأصواتهم الحرة، وبالوضعية القانونية للإقليم الصحراء الغربية، باعتباره إقليمًا غير متمتع بعد بحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

وقد ترتب عن هذا الموقف الرسمي رفض متكرر لطلبات التأشيرات الموجهة لأعضاء الجمعية، وعلّقت بعض المنظمات الشريكة تعاونها، إما خشية التصادم مع الموقف المغربي أو استجابة غير مباشرة لتوجيهات أجهزة الإستخبارات ودوائر ضغطها الخارجية، مما عمّق عزلة الجمعية دوليًا وخنقها دبلوماسيًا، في ظل غياب الدعم الأممي الكافي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.

وعلى مستوى المشاركة في المحافل الأممية، حُرمت الجمعية من حضور دورات مجلس حقوق الإنسان لأكثر من ثلاث سنوات متتالية، عبر إجراءات مباشرة وغير مباشرة تتحكم الدولة المغربية في مفاصلها وأدواتها متعددة الألوان، في تجاوز صارخ لمبدأ تعددية الأصوات داخل المنظومة الأممية.

وضمن نفس المسار والقاعدة، إصطدمت ASVDH، بمحاولات إخضاعها المتكررة وتحريف مرجعيتها ممن يفترض فيهم تقاسم الهم والمبدأ معها، كان آخرها خلال دورتي يونيو وسبتمبر 2025، حيث فُرض على ممثليها شرط مسبق تمثل في الاعتراف بالجنسية المغربية والمشاركة باسمها، وهو ما رفضته الجمعية جملة وتفصيلاً، وفاءً لخطها النضالي وانسجامًا مع مبادئها السياسية والأخلاقية، ووعيًا منها بخطورة مثل هذه الشروط التي تهدف إلى تفريغ رسالتها من مضمونها ومضاعفة معاناة الضحايا وتوفير مظلة تسمح للإحتلال بتنفيذ مناوراته وتمرير أطروحاته الكاذبة على مجموعة من الأصعدة.

وإلى جانب التضييق المؤسسي والميداني، تعرضت الجمعية ومناضلوها لحملات تزييف الوقائع والتشويه ، في إطار سياسة تهدف إلى إعادة صياغة السردية الحقوقية المتعلقة بالصحراء الغربية من خلال مؤسسات الدولة المغربية أو منظمات وجهات تابعة لها ومنسجمة معها، بما يؤدي إلى إقصاء الأصوات الحقوقية الحقيقية، إلى جانب المحاولات المتواصلة للتعتيم على الوضع الحقيقي في الجزء المحتل من الصحراء الغربية وتزييف الوقائع.

إن تتبع هذه المسارات يكشف بوضوح أن ما تتعرض له الجمعية لا يندرج في إطار خلاف إداري أو فكري أو نزاع قانوني، بل يتعدى ذلك لسياسة ممنهجة ومتكاملة تهدف إلى حرمان الجمعية الصحراوية asvdh من حقوقها وخنقها وعزلها عن المجتمع الدولي، وإقصائها من فضاءات الترافع، وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان الأممي، إما لدفعها للامتثال للأجندة الرسمية لدولة الاحتلال المغربي، أو لدفعها نحو الانهيار الذاتي والزوال التدريجي.

وإزاء هذا الوضع الخطير، فإن الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وهي تدق ناقوس الخطر، وتسلط الضوء من خلال بيانها على جانب مهم من سياسات الكمّ والتكميم وهندسة خيوط التحكم وتشويه السردية، فإنها تدعو كافة المنظمات الحقوقية الدولية، والهيئات الأممية المعنية، إلى تحمل مسؤولياتها في حماية الحق في التنظيم والعمل الحقوقي داخل الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، ورفض كل أشكال الحصار والإقصاء التي تمارسها دولة الاحتلال ضد المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان.

كما تستحضر الجمعية في هذا السياق أرواح مدافعيها الأبطال الذين وافتهم المنية وهم أحرارا يذودون عن مبادئهم وحقوق شعبهم بكل شرف حتى اللحظة الأخيرة من حياتهم، وتوجه تحية عالية لكل منتسبيها الأحياء ومؤسسيها الأوائل الذين لا يزال بعضهم يتحمل جزءًا من أعباءها رغم كبر السن وقسوة الأمراض المزمنة .

وتؤكد الجمعية، في الختام، أن كل أساليب الحصار والتضييق، سواء تلك المذكورة في هذا البيان أو التي لم يُكشف عنها بعد، لن تزيدها إلا عزيمة على مواصلة مسيرتها، وتحقيق أهدافها، فالحقوق لا تُمنح بل تُنتزع، وما لا يأتي بالنضال، يأتي بمزيد من النضال، حتى ينال الضحايا حقوقهم، ويحقق الشعب الصحراوي حريته واستقلاله الكامل.

المكتب التنفيذي للجمعية الصحراوية ASVDH

العيو ن المحتلة/الصحراء الغربية

السبت 04 أكتوبر 2025

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.