نحن والإستقلال | بقلم محمد فاضل محمد اسماعيل (Obrero)
🇪🇭العيون المحتلة -عاصمة- الجمهورية العر بية الصحراوية الديمقراطية🇪🇭
بتاريخ: 06 يوليوز 2023
إن الظروف التي انطلقت فيها ثورة عشرين ماي كانت اصعب بكثير من ظروفنا الآن، ولم تفكر الجبهة الشعبية في غير الاعتماد على الله وعلى قدرات شعبها المجاهد والباقي كانت تعرف انه سيأتي. والشيئ نفسه حصل سنة 1975 في بداية الغزو الهمجي الظالم. لذا فإننا حين ننطلق من روح الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ونتشبث بخطها وبمبادئها التي لا تتقادم إلا بتحقيق الاستقلال الذي هو هدفها النهائي ومبرر وجودها، هذا الوجود الذي يمكن إختزاله في صهر كل جهود الشعب الصحراوي وتسخيرها لتحريره، نستيقن من أن الإستقلال لا يحصل بالصدفة، ولا تتأتى ظروف تحقيقه إلا بتضحيات الصحراويين وإصرارهم على إفتكاكهه عنوة بالإعتماد على النفس، مهما كلفهم من ثمن ووقت. وحين نجانب هذا المنطق نكون قد هجرنا الجبهة الشعبية وجافينا فكرها شئنا ام أبينا، كحال من يتوهم جهلا او غرورا أن الأستقلال اصبح تحصيل حاصل، ستأتي به الظروف هبة لسواد عيوننا، دون عناء كبير، ولا تضحيات جسام، او كمن يتخيل أنه سيحصل بتحالف مع قوة عظمى وينادي بالبحث عنها.
إن فكر الجبهة الشعبية قد نآى بالقضية الصحراوية منذ البداية عن الكبار حتى لا نخرج من إستعمار ونسقط في آخر، لأنها اي الجبهة تعرف معنى الاستعمار، وتعلم أن من دفع فاتورة التحرير هو من يجني ثمار الحرية، وترفض ان يجني تلك الثمار إلا شعبها مهما كلفه ذلك من تضحيات. كما ترفض”أن يصوم شعبها عاما ويفطر على جرادة” كما يقول مثلنا الشعبي. من جهة أخرى وبالعودة للتاريخ، كلنا يعلم أن الظروف كانت مواتية في أواخر ستينات القرن الماضي ليبدأ الأستعمار الإسباني في ترتيب خطوات استقلال بلادنا عبر مراحل، وقد كان ذلك في صالحه هو اكثر من غيره، غير ان جشعه وطمعه اعماه وجعله يفضل الاستئثار “بالثامن والمثمون”، ولذلك كانت ردة فعله الهمجية العنيفة يوم 17 يونيو سنة 1970 حين فتك بمناضلي المنظمة الطليعية لما طالبوا بهذا الامر لا اكثر، فإذا لو كانت تلك الآراء المعادلة للعدو مجدية لتبنت الجبهة بعضها سنوات 73 و 75، ولكنها كانت وما تزال عديمة الفائدة، وعليه فإن الشعب الصحراوي لن يستقل إلا اذا دفع ثمن ذلك من ارواح بناته وابنائه الزكية، وإن من يفكر في الحصول على قوة الحسم السريع يفكر بمنطق الاستعمار، فالثورة لسيت هكذا، إنما هي بالأعتماد على ما لدى شعبها وحسن استغلال الظروف الاخرى، وطول النفس، والنضال الدائم المستميت، وقوة إرادة مناضليها وطلائعها وقدرتهم على التجديد والإبداع في مختلف أساليب النضال، مما يجعل قوى المحتل تنهار ، وتتحطم معنوياته، ويستسلم في نهاية المطاف، وما عدا ذلك تخريف كلام وهرى، لاسبما أن هذا المنهج جنب شعبنا ويجنبه متاعب لا تعد ولا تحصى وهو طريقه الصحيح الذي اختاره منذ البداية وهو عين الصواب، لأن من يريد السمك لا يكفيه الجلوس على الرصيف، وإنما عليه أيضا أن يرتدي سروالا قصيرا، بل لا بد له من البلل.
ثم لا ننسى التاريخ يخبرنا، أن من فسد تخور قواه ويطير عقله ويعيش حالما لا علاقة لفكره بالواقع معلقا احلامه على الظروف الخارجية، في حين أن هذه لم تكن يوما حاسمة، انما تساعد وتعرقل فقط، ولذلك يتم التعامل معها برزانة وحكمة، لان الحاسم دائما هو فعل القوة الذاتية، وإن حلت بنا نحن مفاسد في الرأي والتدبير فلن يخرج اغلبها عن العصبية والظنون وهي كما وصفها القرآن الكريم: “حمية الجاهلية وظن الجاهلية:” وما استفحلت هذه في أمة إلا وأختلفت في الرأي وجانبت الصواب وساء تدبيرها وهانت، وغلبت عليها شقوتها، وآلت الى الاضمحلال، وتحكم عدوها في رقابها، وطمست مصائرها، وكابدت مصائب لا حصر لها، لأن ذلك يعني انفراط وانهيار سد الوحدة بالتعصب للقبيلة والطائفة والنزاعات الهدامة، ومن ثم الفرقة والعبث بطاقاتها، وانتشار فساد القلوب بالظنون والقيل والقال، بما يعني ذلك من غفلة وانشغال عن المخاطر المحدقة، والتنافر والتنازل بالالقاب، وصعوبة الألفة، وهذا هو بالضبط ما يعمل عليه غزاة وطننا اليوم، فليستيغظ النائم من سباته وليكف السفيه عن سفهه فإن المصير هو رهاننا وفداه ارواحنا ودماؤنا، ولا يسمح باللعب بالدم والمصير ومعاناة الشعب.
التعليقات مغلقة.