تحت عدسة القانون الدولي | الصحراويين ليسوا معتقلين سياسيين ولا سجناء رأي بل أسرى مدنيين تحت الاحتلال المغربي.

522

«12-أكـتوبر» العيون المحتلة  /  الصحراء الغربية

الأربعاء: 15 أكتوبر 2025

في تقرير قانوني وتحليلي جديد، تكشف المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر” للإعلام والتواصل حقيقة الالتباس القائم حول استعمال المصطلحات الثلاثة: الأسير المدني، والمعتقل السياسي، وسجين الرأي، من منظور القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مسلطة الضوء على الوضع القانوني الخاص للمدنيين الصحراويين في ظل الاحتلال المغربي.

ويخلص التقرير إلى أن توصيف الصحراويين المحتجزين على خلفية مواقفهم السياسية أو أنشطتهم السلمية لا يندرج ضمن خانة “المعتقلين السياسيين” أو “سجناء الرأي” كما يُروَّج، بل يُصنَّفون قانونًا كـ“أسرى مدنيين تحت الاحتلال”، وفق ما تقرره اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولات الإضافية ذات الصلة، بما يعكس الطبيعة القانونية للإقليم كأرضٍ خاضعة لاحتلال عسكري في سياق تصفية استعمار لم يكتمل بعد.

أولًا: تعريف المصطلحات تحت منظور القانون الدولي:

في ضوء التحليل القانوني الذي أجرته المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر”، تتضح الفوارق الدقيقة بين المفاهيم الثلاثة التي تُستعمل عادة لوصف حالات الاحتجاز ذات الخلفية السياسية، وهي: الأسير المدني، المعتقل السياسي، وسجين الرأي، حيث يحدد كل منها إطارًا قانونيًا مختلفًا يرتبط بطبيعة السياق الذي يحدث فيه الاحتجاز.

الأسير المدني:

هو شخص مدني يتمتع بالحماية الكاملة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتي تنص في مادتها (4) على حماية جميع الأشخاص الذين يوجدون في أراضٍ محتلة ضد الاعتقال التعسفي أو أي أعمال انتقامية من قبل قوة الاحتلال.

ويُعتبر الأسير المدني — بخلاف الأسير العسكري — شخصًا لا يحمل السلاح، ولكن تم احتجازه بسبب مواقفه أو أنشطته المناهضة للاحتلال، ما يجعله شخصًا محميًا بموجب المواد (27) و(47) و(49) من الاتفاقية ذاتها، التي تحظر على دولة الاحتلال اتخاذ أي إجراءات عقابية أو اعتقالية بحق المدنيين في الأراضي التي تحتلها.

المعتقل السياسي:

يُستخدم هذا المصطلح في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويشير إلى أي شخص يُعتقل بسبب آرائه السياسية أو معارضته للنظام القائم، خارج سياق النزاعات المسلحة أو الاحتلال الأجنبي.

وتحظر المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) الاعتقال التعسفي لأي شخص بسبب أفكاره أو نشاطه السياسي، كما تضمن المادة 14 الحق في محاكمة عادلة أمام قضاء مستقل ونزيه.

سجين الرأي:

هو شخص يُسجن لمجرد التعبير السلمي عن رأيه أو معتقده، دون أن يكون قد لجأ إلى العنف، كما تُعرِّفه منظمة العفو الدولية بالاستناد إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948).

ويُستعمل هذا المفهوم في الخطاب الحقوقي والإعلامي أكثر من القانوني، للتعبير عن الاضطهاد القائم على الفكر أو الكلمة، لا على الفعل السياسي أو العسكري.

 ثانيًا: الفروقات القانونية بين الأسير المدني والمعتقل السياسي وسجين الرأي:

 

تُبرز المقارنة القانونية بين المصطلحات الثلاثة اختلافًا جوهريًا في الأساس القانوني والسياق الذي تنطبق فيه الحماية، إذ لا يمكن استخدام هذه المفاهيم بالتبادل دون الإخلال بالدقة القانونية التي تتطلبها حالات النزاع أو الاحتلال.

1. الأسير المدني:

يُعرَّف من خلال القانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بوصفه الشخص المدني المحمي في الإقليم المحتل.

وتُلزم الاتفاقية قوة الاحتلال بعدم اعتقال أو محاكمة المدنيين بسبب آرائهم السياسية أو انخراطهم في أنشطة سلمية ضد الاحتلال، لأن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بـصفة الحماية الدولية، ولا يجوز معاملتهم كمجرمين بل كـأشخاص محميين.

وتنص المادة (147) من الاتفاقية على أن أي اعتقال تعسفي أو محاكمة غير قانونية للمدنيين في أرض محتلة تُعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني.

2. المعتقل السياسي:

يخضع لمنظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويُستخدم في الدول ذات السيادة التي تعتقل معارضيها لأسباب سياسية.

وغالبًا ما يتمتع هؤلاء المعتقلون بالحماية بموجب المادة 9 و14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن الحق في الحرية والعدالة والمحاكمة النزيهة.

ومع ذلك، فإن مفهوم “المعتقل السياسي” لا يفترض وجود احتلال أجنبي، بل يُطبق داخل نظام وطني يمارس سلطته على مواطنيه.

3. سجين الرأي:

يُعد توصيفًا أخلاقيًا وحقوقيًا بالأساس، ويستخدم عندما يُسجن الفرد لمجرد التعبير السلمي عن رأيه أو معتقده دون أي فعل مادي.

ويستند إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 19 من العهد الدولي ذاته، لكنه لا يشمل حالات المقاومة أو النضال السياسي في إطار نزاع تحرري أو احتلال أجنبي.

 -التوصيف القانوني لحالة الصحراء الغربية:

استنادًا إلى هذه المقارنات، ترى المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر” أن الأوصاف الثلاثة لا تتساوى في انطباقها على الحالة الصحراوية، بالنظر إلى الوضع القانوني للإقليم باعتباره أرضًا غير متمتعة بالحكم الذاتي خاضعة لاحتلال عسكري منذ سنة 1975، وفق قرارات الأمم المتحدة وعلى رأسها القرار 1514 (د-15) الخاص بتصفية الاستعمار.

وعليه، فإن توصيف المدنيين الصحراويين المحتجزين بسبب آرائهم أو نشاطهم السلمي ضد الاحتلال المغربي لا يمكن أن يندرج في خانة “المعتقلين السياسيين” أو “سجناء الرأي”، لأن هذين المفهومين يفترضان وجود سلطة وطنية شرعية.

بل إنهم يُعتبرون “أسرى مدنيين تحت الاحتلال المغربي”، تنطبق عليهم الحماية المقررة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول (1977)، وهو الوصف الذي يتطابق تمامًا مع الوضع القانوني للصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية استعمار لم تكتمل بعد.

وبالتالي، تؤكد المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر” أن المصطلح الأدق والأكثر انسجامًا مع قواعد القانون الدولي هو:

“الأسير المدني الصحراوي تحت الاحتلال المغربي” باعتباره توصيفًا قانونيًا دقيقًا يحمل تبعات دولية، ويُبرز مسؤولية دولة الاحتلال عن انتهاكاتها تجاه المدنيين الصحراويين المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني.

-خاتمة التقرير:

يُبرز هذا التحليل الذي أعدّته المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر” أن تحديد الصفة القانونية للمعتقلين الصحراويين ليس مجرد جدل لغوي أو توصيف إعلامي، بل هو مسألة سيادية قانونية تحدد بدقة طبيعة العلاقة بين قوة الاحتلال والسكان الأصليين للإقليم المحتل.

فالاعتراف بالمدنيين الصحراويين كـأسرى مدنيين لا كـ”معتقلين سياسيين” أو “سجناء رأي”، يترتب عليه مسؤوليات دولية مباشرة تقع على عاتق سلطات الاحتلال المغربي، وفق ما تنص عليه اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بتصفية الاستعمار.

إنّ توصيفهم كأسرى مدنيين تحت الاحتلال المغربي، لا يُعزز فقط الموقف القانوني للشعب الصحراوي في مطالبه المشروعة، بل يُعيد كذلك وضع القضية في إطارها الصحيح كقضية تصفية استعمار وليست نزاعًا داخليًا.

ويُحمّل هذا التوصيف المجتمع الدولي مسؤولية التحرك لضمان حماية المدنيين الصحراويين، ومساءلة سلطات الاحتلال عن الانتهاكات الجسيمة التي تطال الأسرى والمعتقلين داخل السجون المغربية.

وتُجدّد المنصة الصحراوية: “12-أكتوبر” في ختام تقريرها التأكيد على أن احترام القانون الدولي الإنساني لا يُعد خيارًا سياسيًا، بل التزامًا قانونيًا يفرضه مبدأ عدم جواز كسب الأراضي بالقوة، وضرورة حماية الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من جميع أشكال القمع والاضطهاد، إلى حين تمكينها من ممارسة حقها غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.